ثمامة بن أثال
" يضرب الحصار الاقتصادي على قريش "
في السنة السادسة للهجرة عزم الرسول صلوات الله عليه على أن يوسع نطاق دعوته إلى الله ، فكتب ثمانية كتب إلى ملوك العرب والعجم ، وبعث بها إليهم يدعوهم فيها إلى الاسلام .
وكان في جملة من كاتبهم " ثمامة بن أثال الحنفي " .
ولا عجب فثمامة اللك والرئيس من رؤساء العرب في الجاهلية ...
وسيد من سادات بني " حنيفة " المرموقين ...
وملك من ملوك " اليمامة " الذين لا يعصى لهم أمر .
*************
تلقى ثمامة رسالة النبي علية الصلاة والسلام بالاحتقار والإعراض .
و أخذته العزة بالأثم ، فأصم أذنيه عن سماع دعوة الحق والخير...
ثم إنه ركبه شيطانه فاغراه بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ووأد دعوته معه ، فدأب يتحين الفرص للقضاء على النبي صلى الله عليه وسلم حتى أصاب منه غفلة ، وكادت تتم الجريمة الشنعاء لولا أن أحد أعمام ثمامة ثناه عن عزمه في آخر لحظة ، فنجى الله نبيه صلى الله عليه وسلم من شره .
لكن ثمامة إذا كان قد كف عن رسول الله صلوات الله عليه ، فإنه لم يكف عن أصحابه ، حيث جعل ينتظر فرصة ليلحق بهم شراً ، حتى ظفر بعدد منهم وقتلهم شر قنلة ، فأباح دمه النبي عيله الصلاة والسلام ، و أعلن ذلك في أصحابه .
***********
لم يمض على طويل وقت حتى عزم ثامة بن أثال على أداء العمرة فانطلق من أرض " اليمامة " موليا وجهه شطر مكة ، وهو يمني نفسه بالطواف حول الكعبة والذبح لأصنامها .
*********
وبينما كان ثمامة في بعض طريقه قريباً من المدينة نزلت به نزلة لم تقع له في حسبان .
ذلك أن سرية من سرايا رسول الله صلوات الله عليه ، كانت تدور وتنتقل خلال الديار خوفاً من أن يطرق المدينة طارق ، أو يريدها معتد بشر .
فأسرت السرية ثمامة ـ وهي لا تعرفه ـ ، وأتت به إلى المدينة ، وشدته إلى سارية من سواري المسجد ، منتظرة أن يقف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بنفسه على شأن الأسير ، وأن يأمر فيه بأمره .
ولما خرج النبي عليه الصلاة والسلام إلى المسجد ، وهخم بالدخول فيه رأى ثمامة مربوطا في السارية ، فقال لأصحابه :
( أتدرون من أخذتم ؟ )
فقالوا : لا يا رسول الله .
فقال : ( هذا ثمامة بن أثال الحنفي ، فأحسنوا معاملته ) ...
ثم رجع عليه الصلاة والسلام إلى أهله و قال : ( اجمعوا ما كان عندكم من طعام وابعثوا به إلى ثمامة بن أثال ) ...
ثم أمر بناقته أن تحلب له في الغدو والرواح ، وأن يقدم إليه لبنها ...وقد تم ذلك كله قبل أن يلقاه الرسول صلوات الله عليه أو يكلمه .
************
ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على ثمامة يريد أن يستدرجه إلى الاسلام وقال : ( ما عندك يا ثمامة ؟ ) .
فقال : عندي يا محمد خير ... فإن تقتُل تقتُل رجل أراق منكم دما ... وإن تنعم بالعفو تُنعم على شاكر ... و إن كنت تريد المال ، فسل تعط منه ما شئت .
فتركه رسول الله صلوات الله عليه يومين على حاله ، يؤتى له بالطعام و الشراب ، ويحمل إليه لبن الناقة ثم جاءه ، فقال :
( ما عندك يا ثمامة ؟ ) .
قال : ليس عندي إلا ما قلت لك من قبل .
فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان اليوم التالي جاءه فقال :
( ما عندك يا ثمامة ؟ ) .
فقال : عندي ما قلت لك .
فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه و قال :
( اطلقوا ثمامة ) ...
***********
غادر ثمامة مسجد رسول الله ، ومضى حتى إذا بلغ نخلا في أطراف المدينة ـ قريبا من بقعة في أطراف المدينة كانت كثيرة الشجر ثم أصبحت مقبرة دفن فيها كثير من الصحابةـ فيه ماء أناخ راحلته عنده ، وتطهر من مائه فأحسن طهوره ، ثم عاد أدراجه إلى المسجد .
فما إن بلغه حتى وقف على جماعة من المسلمين وقال :
أشهد أن لا إله إلا الله ، و أشهد أن محمدا عبده ورسوله .
ثم اتجه الى الرسول وقال :
يا محمد ، و الله ما كان على ظهر الأرض وجه أبغض إلي من وجهك ... وقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي ...
ووالله ما كان دين أبغض إلي من دينك ، فأصبح دينك أحب الدين كله إلي ...
ووالله ما كان بلد أبغض إلي من بلدك ، فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي ...
ثم أردف قائلا :
لقد قتلت من أصحابك رجالا فما الذي توجبه علي ؟ .
فقال عليه الصلاة والسلام : ( لا تثريب عليك يا ثمامة .. فإن الاسلام يجُب ماقبله ) ...
و بشره بالخير الذي الله له بإسلامه .
فانبسطت أسارير ثمامة وقال :
والله لأصيبن من المشركين أضعاف ما أصبت من أصحابك ، و لأضعن نفسي وسيفي ومن معي في نصرتك ونصرة دينك .
ثم قال :
يا رسول الله ، إن خيلك أخذتني و أنا أريد العمرة ، فماذا ترى أن أفعل ؟ .
فقال عليه الصلاة والسلام : ( امض لأداء عمرتك ولكن على شرعة الله ورسوله ) .. وعلمه ما يقوم به من المناسك .
مضى ثمامة إلى غايته حتى إذا بلغ بطن مكة ، وقف يجلجل بصوته العالي قائلا :
" لبيك اللهم لبيك ...
لبيك لا شريك لك لبيك ...
إن الحمد و النعمة لك و الملك ...
لا شريك لك " ...
فكان أول مسلم على ظهر الأرض دخل مكة ملبيا .
*****
سمعت قريش صوت التلبية فهبت مغضبة مذعورة ، و استلت السيوف من أغمادها ، واتجهت نحو الصوت لتبطش بهذا الذي اقتحم عليها عرينها .
ولما أقبل القوم على ثمامة رفع صوته بالتلبية ، وهو ينظر إليهم بكبرياء ، فم فتى من فتيان قريش أن يقتله بسهم ، فمنعوه وقالوا :
ويحك أتعلم من هذا ؟!...
إنه ثمامة بن أثال ملك " اليمامة " ...
و الله إن أصبتموه بسوء قطع قومه عنا المؤونة و أماتونا جوعا .
ثم أقبل القوم على ثمامة بعد أن أعادوا السيوف إلى أغمادها وقالوا :
ما بك يا ثمامة ؟!!.
أصبوت وتركت دينك ودين آبائك ؟!!.
فقال : ما صبوت و لكني اتبعت خير دين ... اتبعت دين محمد .
ثم أردف يقول :
أقسمت برب هذا البيت ، إنه لا يصل إليكم بعد عودتي إلى " اليمامة " حبة من قمحها أو شيء من خيراتها حتى تتبعوا محمد ا عن آخركم ...
اعتمر ثمامة بن أثال على مرأى من قريش كما أمره الرسول صلوات الله وذبح تقربا لله لا ما عبد من دون الله من تماثيل و نحوها ، مضى إلى بلاده فأمر قومه أن يحبسوا الميرة عن قريش ، فصدعوا بأمره واستجابوا له ، وحبسوا خيراتهم عن أهل مكة .
أخذ الحصار الذي فرضه ثمامة على قريش يشتد شيئا فشيئا ، فارتفعت الأسعار وانتشر الجوع في الناس واشتد عليهم الكرب ، حتى خافوا على أنفسهم و أبنائهم من أن يهلكوا جوعا ً .
عند ذلك كتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون :
إن عهدنا بك أنك تصل الرحم وتحض على ذلك ...
وها أنت قد قطعت أرحامنا ، فقتلت الآباء بالسيف ، و أمت الأبناء بالجوع .
و إن ثمامة بن أثال قد قطع عنا ميرتنا و أضر بنا ، فإن رأيت أن تكتب إليه أن يبعث إلينا بما نحتاج إليه فافعل .
فكتب عليه الصلاة والسلام إلى ثمامة بأن يطلق لهم ميرتهم ، فأطلقهم .
ظل ثمامة بن أثال ـ ما امتدت به الحياة ـ وفيا لدينه ، حافظا لعهد نبيه ، فلما التحق الرسول عليه الصلاة والسلام بالرفيق الأعلى ، وطفق العرب يخرجون من دين الله جماعات ووحدانا ، وقام مسيلمة الكذاب في بني " حنيفة " يدعوهم إلى الإيمان به ، وقف ثمامة في وجهه ، وقال لقومه : يا بني " حنيفة " إياكم وهذا الأمر المظلم الذي لا نور فيه ...
إنه والله لشقاء كتبه الله عز وجل على من أخذ به منكم ، وبلاء على من لم يأخذ به .
ثم قال :
يابني " حنيفة " إنه لا يجتمع نبيان في وقت واحد ...
و إن محمدا رسول الله لا نبي بعده ، ولا نبي يشرك معه .
ثم قرأ عليهم :
{ حم * تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم * غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير }
ثم قال :
أين كلام الله هذا من قول مسيلمة : " يا ضفدع نقي ما تنقين ، لا الشراب تمنعين ، ولا الماء تدركين " .
ثم انحاز بمن بقي على الاسلام من قومه ، ومضى يقاتل المرتدين جهادا في سبيل الله ، و إعلاء لكلمته في الأرض .
جزى الله ثمامة بن أثال عن الإسلام والمسلمين خيراً ...
وأكرمه بالجنة التي وعد المتقون .
" يضرب الحصار الاقتصادي على قريش "
في السنة السادسة للهجرة عزم الرسول صلوات الله عليه على أن يوسع نطاق دعوته إلى الله ، فكتب ثمانية كتب إلى ملوك العرب والعجم ، وبعث بها إليهم يدعوهم فيها إلى الاسلام .
وكان في جملة من كاتبهم " ثمامة بن أثال الحنفي " .
ولا عجب فثمامة اللك والرئيس من رؤساء العرب في الجاهلية ...
وسيد من سادات بني " حنيفة " المرموقين ...
وملك من ملوك " اليمامة " الذين لا يعصى لهم أمر .
*************
تلقى ثمامة رسالة النبي علية الصلاة والسلام بالاحتقار والإعراض .
و أخذته العزة بالأثم ، فأصم أذنيه عن سماع دعوة الحق والخير...
ثم إنه ركبه شيطانه فاغراه بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ووأد دعوته معه ، فدأب يتحين الفرص للقضاء على النبي صلى الله عليه وسلم حتى أصاب منه غفلة ، وكادت تتم الجريمة الشنعاء لولا أن أحد أعمام ثمامة ثناه عن عزمه في آخر لحظة ، فنجى الله نبيه صلى الله عليه وسلم من شره .
لكن ثمامة إذا كان قد كف عن رسول الله صلوات الله عليه ، فإنه لم يكف عن أصحابه ، حيث جعل ينتظر فرصة ليلحق بهم شراً ، حتى ظفر بعدد منهم وقتلهم شر قنلة ، فأباح دمه النبي عيله الصلاة والسلام ، و أعلن ذلك في أصحابه .
***********
لم يمض على طويل وقت حتى عزم ثامة بن أثال على أداء العمرة فانطلق من أرض " اليمامة " موليا وجهه شطر مكة ، وهو يمني نفسه بالطواف حول الكعبة والذبح لأصنامها .
*********
وبينما كان ثمامة في بعض طريقه قريباً من المدينة نزلت به نزلة لم تقع له في حسبان .
ذلك أن سرية من سرايا رسول الله صلوات الله عليه ، كانت تدور وتنتقل خلال الديار خوفاً من أن يطرق المدينة طارق ، أو يريدها معتد بشر .
فأسرت السرية ثمامة ـ وهي لا تعرفه ـ ، وأتت به إلى المدينة ، وشدته إلى سارية من سواري المسجد ، منتظرة أن يقف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بنفسه على شأن الأسير ، وأن يأمر فيه بأمره .
ولما خرج النبي عليه الصلاة والسلام إلى المسجد ، وهخم بالدخول فيه رأى ثمامة مربوطا في السارية ، فقال لأصحابه :
( أتدرون من أخذتم ؟ )
فقالوا : لا يا رسول الله .
فقال : ( هذا ثمامة بن أثال الحنفي ، فأحسنوا معاملته ) ...
ثم رجع عليه الصلاة والسلام إلى أهله و قال : ( اجمعوا ما كان عندكم من طعام وابعثوا به إلى ثمامة بن أثال ) ...
ثم أمر بناقته أن تحلب له في الغدو والرواح ، وأن يقدم إليه لبنها ...وقد تم ذلك كله قبل أن يلقاه الرسول صلوات الله عليه أو يكلمه .
************
ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على ثمامة يريد أن يستدرجه إلى الاسلام وقال : ( ما عندك يا ثمامة ؟ ) .
فقال : عندي يا محمد خير ... فإن تقتُل تقتُل رجل أراق منكم دما ... وإن تنعم بالعفو تُنعم على شاكر ... و إن كنت تريد المال ، فسل تعط منه ما شئت .
فتركه رسول الله صلوات الله عليه يومين على حاله ، يؤتى له بالطعام و الشراب ، ويحمل إليه لبن الناقة ثم جاءه ، فقال :
( ما عندك يا ثمامة ؟ ) .
قال : ليس عندي إلا ما قلت لك من قبل .
فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان اليوم التالي جاءه فقال :
( ما عندك يا ثمامة ؟ ) .
فقال : عندي ما قلت لك .
فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه و قال :
( اطلقوا ثمامة ) ...
***********
غادر ثمامة مسجد رسول الله ، ومضى حتى إذا بلغ نخلا في أطراف المدينة ـ قريبا من بقعة في أطراف المدينة كانت كثيرة الشجر ثم أصبحت مقبرة دفن فيها كثير من الصحابةـ فيه ماء أناخ راحلته عنده ، وتطهر من مائه فأحسن طهوره ، ثم عاد أدراجه إلى المسجد .
فما إن بلغه حتى وقف على جماعة من المسلمين وقال :
أشهد أن لا إله إلا الله ، و أشهد أن محمدا عبده ورسوله .
ثم اتجه الى الرسول وقال :
يا محمد ، و الله ما كان على ظهر الأرض وجه أبغض إلي من وجهك ... وقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي ...
ووالله ما كان دين أبغض إلي من دينك ، فأصبح دينك أحب الدين كله إلي ...
ووالله ما كان بلد أبغض إلي من بلدك ، فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي ...
ثم أردف قائلا :
لقد قتلت من أصحابك رجالا فما الذي توجبه علي ؟ .
فقال عليه الصلاة والسلام : ( لا تثريب عليك يا ثمامة .. فإن الاسلام يجُب ماقبله ) ...
و بشره بالخير الذي الله له بإسلامه .
فانبسطت أسارير ثمامة وقال :
والله لأصيبن من المشركين أضعاف ما أصبت من أصحابك ، و لأضعن نفسي وسيفي ومن معي في نصرتك ونصرة دينك .
ثم قال :
يا رسول الله ، إن خيلك أخذتني و أنا أريد العمرة ، فماذا ترى أن أفعل ؟ .
فقال عليه الصلاة والسلام : ( امض لأداء عمرتك ولكن على شرعة الله ورسوله ) .. وعلمه ما يقوم به من المناسك .
مضى ثمامة إلى غايته حتى إذا بلغ بطن مكة ، وقف يجلجل بصوته العالي قائلا :
" لبيك اللهم لبيك ...
لبيك لا شريك لك لبيك ...
إن الحمد و النعمة لك و الملك ...
لا شريك لك " ...
فكان أول مسلم على ظهر الأرض دخل مكة ملبيا .
*****
سمعت قريش صوت التلبية فهبت مغضبة مذعورة ، و استلت السيوف من أغمادها ، واتجهت نحو الصوت لتبطش بهذا الذي اقتحم عليها عرينها .
ولما أقبل القوم على ثمامة رفع صوته بالتلبية ، وهو ينظر إليهم بكبرياء ، فم فتى من فتيان قريش أن يقتله بسهم ، فمنعوه وقالوا :
ويحك أتعلم من هذا ؟!...
إنه ثمامة بن أثال ملك " اليمامة " ...
و الله إن أصبتموه بسوء قطع قومه عنا المؤونة و أماتونا جوعا .
ثم أقبل القوم على ثمامة بعد أن أعادوا السيوف إلى أغمادها وقالوا :
ما بك يا ثمامة ؟!!.
أصبوت وتركت دينك ودين آبائك ؟!!.
فقال : ما صبوت و لكني اتبعت خير دين ... اتبعت دين محمد .
ثم أردف يقول :
أقسمت برب هذا البيت ، إنه لا يصل إليكم بعد عودتي إلى " اليمامة " حبة من قمحها أو شيء من خيراتها حتى تتبعوا محمد ا عن آخركم ...
اعتمر ثمامة بن أثال على مرأى من قريش كما أمره الرسول صلوات الله وذبح تقربا لله لا ما عبد من دون الله من تماثيل و نحوها ، مضى إلى بلاده فأمر قومه أن يحبسوا الميرة عن قريش ، فصدعوا بأمره واستجابوا له ، وحبسوا خيراتهم عن أهل مكة .
أخذ الحصار الذي فرضه ثمامة على قريش يشتد شيئا فشيئا ، فارتفعت الأسعار وانتشر الجوع في الناس واشتد عليهم الكرب ، حتى خافوا على أنفسهم و أبنائهم من أن يهلكوا جوعا ً .
عند ذلك كتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون :
إن عهدنا بك أنك تصل الرحم وتحض على ذلك ...
وها أنت قد قطعت أرحامنا ، فقتلت الآباء بالسيف ، و أمت الأبناء بالجوع .
و إن ثمامة بن أثال قد قطع عنا ميرتنا و أضر بنا ، فإن رأيت أن تكتب إليه أن يبعث إلينا بما نحتاج إليه فافعل .
فكتب عليه الصلاة والسلام إلى ثمامة بأن يطلق لهم ميرتهم ، فأطلقهم .
ظل ثمامة بن أثال ـ ما امتدت به الحياة ـ وفيا لدينه ، حافظا لعهد نبيه ، فلما التحق الرسول عليه الصلاة والسلام بالرفيق الأعلى ، وطفق العرب يخرجون من دين الله جماعات ووحدانا ، وقام مسيلمة الكذاب في بني " حنيفة " يدعوهم إلى الإيمان به ، وقف ثمامة في وجهه ، وقال لقومه : يا بني " حنيفة " إياكم وهذا الأمر المظلم الذي لا نور فيه ...
إنه والله لشقاء كتبه الله عز وجل على من أخذ به منكم ، وبلاء على من لم يأخذ به .
ثم قال :
يابني " حنيفة " إنه لا يجتمع نبيان في وقت واحد ...
و إن محمدا رسول الله لا نبي بعده ، ولا نبي يشرك معه .
ثم قرأ عليهم :
{ حم * تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم * غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير }
ثم قال :
أين كلام الله هذا من قول مسيلمة : " يا ضفدع نقي ما تنقين ، لا الشراب تمنعين ، ولا الماء تدركين " .
ثم انحاز بمن بقي على الاسلام من قومه ، ومضى يقاتل المرتدين جهادا في سبيل الله ، و إعلاء لكلمته في الأرض .
جزى الله ثمامة بن أثال عن الإسلام والمسلمين خيراً ...
وأكرمه بالجنة التي وعد المتقون .